لا نظير له في جهاده، ولا مقارب له في فعله، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو هو السابق المبرز في كل خير، أول الناس إسلاما، وأصدق الناس نية، وأطيب الناس ذرية، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عم. وأنت اللعين ابن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لدين الله الغوائل، وتجتهدان على إطفاء نور الله، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال، وتحالفان في ذلك القبائل، على هذا مات أبوك، وعلى ذلك خلفته، والشاهد عليك بذلك من يأوى ويلجأ إليك، من بقيه الأحزاب ورؤوس النفاق والشقاق لرسول الله صلى الله عليه وآله، والشاهد لعلى مع فضله وسابقته القديمة أنصاره الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن، ففضلهم وأثنى عليهم من المهاجرين والأنصار، فهم معه كتائب وعصائب، يجالدون حوله بأسيافهم، ويهريقون دماءهم دونه، يرون الفضل في اتباعه، والشقاق والعصيان في خلافه، فكيف - يا لك الويل - تعدل نفسك بعلي، وهو وارث رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه وأبو ولده، وأول الناس له اتباعا، وآخرهم به عهدا، يخبره بسره، ويشركه في أمره، وأنت عدوه وابن عدوه، فتمتع ما استطعت بباطلك، وليمددك لك ابن العاص في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهي، وسوف تستبين لمن تكون العاقبة العليا. واعلم أنك إنما تكايد ربك الذي قد أمنت كيده، وأيست من روحه، وهو لك بالمرصاد، وأنت منه في غرور. وبالله وبأهل بيت رسوله عنك الغناء! والسلام على من اتبع الهدى.
فكتب إليه معاوية (1):
من معاوية بن أبي سفيان، إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر. سلام على أهل طاعة الله، أما بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته وسلطانه، وما أصفى به نبيه، مع كلام ألفته ووضعته، لرأيك فيه تضعيف، ولأبيك فيه تعنيف، ذكرت حق