وقام من بنى عبس قائد بن بكير وعياش بن ربيعة العبسيان، فقالا: يا أمير المؤمنين إن صاحبنا عبد الله بن المعتم قد بلغنا أنه يكاتب معاوية، فاحبسه أو مكنا من حبسه، حتى تنقضي غزاتك ثم تنصرف.
فقالا: هذا جزاء لمن نظر لكم، وأشار عليكم بالرأي فيما بينكم وبين عدوكم.
فقال لهما علي عليه السلام: الله بيني وبينكم، وإليه أكلكم، وبه أستظهر عليكم اذهبوا حيث شئتم (1).
قال نصر: وبعث علي عليه السلام إلى حنظلة بن الربيع المعروف بحنظلة الكاتب، - وهو من الصحابة - فقال له: يا حنظلة، أنت على أم لي؟ فقال: لا لك ولا عليك، قال: فما تريد؟ قال: أشخص إلى الرها (2)، فإنه فرج من الفروج، اصمد له حتى ينقضي هذا الامر.
فغضب من قوله، خيار بنى عمرو بن تميم وهم رهطه فقال: إنكم والله لا تغروني من ديني، دعوني فأنا أعلم منكم، فقالوا: والله إن لم تخرج مع هذا الرجل لا ندع فلانة تخرج معك - لام ولده - ولا ولدها، ولئن أردت ذلك لنقتلنك.
فأعانه ناس من قومه واخترطوا سيوفهم، فقال: أجلوني حتى أنظر. ودخل منزله وأغلق بابه، حتى إذا أمسى هرب إلى معاوية، وخرج من بعده إليه من قومه رجال كثير، وهرب ابن المعتم أيضا حتى أتى معاوية في أحد عشر رجلا من قومه.
وأما حنظلة فخرج إلى معاوية في ثلاثة وعشرين رجلا من قومه، لكنهما لم يقاتلا مع معاوية، واعتزلا الفريقين جميعا (3).