سيروا إلى أعداء الله، سيروا إلى أعداء القرآن والسنن، سيروا إلى بقية الأحزاب وقتلة المهاجرين والأنصار. فقام رجل من بنى فزارة، فقال له: أتريد أن تسير بنا إلى إخواننا من أهل الشام فنقتلهم لك، كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلتهم! كلا، ها الله (1) إذا لا نفعل ذلك.
فقام الأشتر، فقال: من هذا المارق! (2) فهرب الفزاري، واشتد الناس على إثره، فلحق في مكان من السوق تباع فيه البراذين، فوطئوه بأرجلهم، وضربوه بأيديهم ونعال سيوفهم حتى قتل، فأتى علي عليه السلام، فقيل له: يا أمير المؤمنين، قتل الرجل، قال: ومن قتله؟ قالوا: قتلته همدان ومعهم شوب من الناس، فقال: قتيل عمية (3)، لا يدرى من قتله! ديته من بيت مال المسلمين، فقال بعض بنى تيم اللات بن ثعلبة (4):
أعوذ بربي أن تكون منيتي * كما مات في سوق البراذين أربد تعاوره همدان خفق نعالهم * إذا رفعت عنه يد وضعت يد.
فقام الأشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، لا يهدنك ما رأيت، ولا يؤيسنك من نصرنا ما سمعت من مقالة هذا الشقي الخائن، إن جميع من ترى من الناس شيعتك، لا يرغبون بأنفسهم عن نفسك، ولا يحبون البقاء بعدك، فإن شئت فسر بنا إلى عدوك، فوالله ما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبه، وإنا لعلى بينة من ربنا، وإن أنفسنا لن تموت حتى يأتي أجلها. وكيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين، وقد وثبت عصابة منهم على طائفة من المسلمين بالأمس، وباعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير!