قال: لما نزلنا كربلاء، وقد أخذ حفنة من تربتها فشمها، وقال: (واها لك أيتها التربة!
ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب): وما علمه بالغيب؟ فقالت المرأة له: دعنا منك أيها الرجل، فإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل إلا حقا.
قال: فلما بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين عليه السلام، كنت في الخيل التي بعث إليهم، فلما انتهيت إلى الحسين عليه السلام وأصحابه، عرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع علي عليه السلام، والبقعة التي رفع إليه من تربتها والقول الذي قاله، فكرهت مسيري، فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين عليه السلام فسلمت عليه، وحدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل، فقال الحسين: أمعنا أم علينا؟ فقلت:
يا بن رسول الله، لا معك ولا عليك، تركت ولدى وعيالي (1) أخاف عليهم من ابن زياد، فقال الحسين عليه السلام: فول هربا حتى لا ترى مقتلنا (2)، فوالذي نفس حسين (3) بيده لا يرى اليوم مقتلنا أحد ثم لا يعيننا (4) إلا دخل النار.
قال: فأقبلت في الأرض أشتد هربا، حتى خفى على مقتلهم.
* * * قال نصر: وحدثنا مصعب، قال: حدثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن أبي جحيفة، قال: جاء (5) عروة البارقي إلى سعد بن وهب، فسأله فقال: حديث حدثتناه (6) عن علي بن أبي طالب، قال: نعم بعثني مخنف بن سليم إلى علي عند توجهه إلى صفين، فأتيته بكربلاء، فوجدته يشير بيده، ويقول: هاهنا، هاهنا! فقال له