ومن العلوم: علم النحو والعربية، وقد علم الناس كافه أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبى الأسود الدؤلي جوامعه وأصوله، من جملتها الكلام كله ثلاثة أشياء:
اسم وفعل وحرف. ومن جملتها: تقسيم الكلمة إلى معرفة ونكرة، وتقسيم وجوه الاعراب إلى الرفع والنصب والجر والجزم (1)، وهذا يكاد يلحق بالمعجزات، لان القوة البشرية لا تفي بهذا الحصر، ولا تنهض بهذا الاستنباط.
وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسانية والدينية وجدته ابن جلاها وطلاع ثناياها (2).
وأما الشجاعة: فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله، ومحا اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحرب مشهورة يضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الذي ما فر قط، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحدا إلا قتله، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت الأولى إلى ثانية، وفي الحديث " كانت ضرباته وترا "، ولما دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما، قال له عمرو: لقد أنصفك، فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم! أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق! أراك طمعت في إمارة الشام بعدي! وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته، فأما قتلاه فافتخار رهطهم بأنه عليه السلام قتلهم أظهر وأكثر، قالت أخت عمرو بن عبد ود ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله * بكيته أبدا ما دمت في الأبد (3)