على الخصوص، كما انتخبت كلماته ومأثور حكمه فيما وضعوه من أبواب المواعظ والدعاء: وفي كتابي الغريب لأبي عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة منه الشئ الكثير.
وإذ كان لكلام الامام على طابع خاص يميزه عن غيره من الخطباء، ونهج واضح يخالف غيره من البلغاء والمترسلين، فقد حاول كثير من العلماء والأدباء على مر العصور أن يفردوه لكلامه كتبا خاصة ودواوين مستقلة، بقي بعضها وذهب الكثير منها على الأيام، منهم نصر بن مزاحم صاحب صفين، وأبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، ومحمد بن عمر الواقدي، وأبو الحسن علي بن محمد المدائني، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وأبو الحسن علي بن الحسين المسعودي، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، و عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد التميمي، ورشيد الدين محمد بن محمد المعروف بالوطواط، وعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد، وغيرهم كثيرون.
إلا أن أعظم هذه المحاولات خطرا، وأعلاها شأنا، وأحسنها أبوابها: وأبعدها صيتا وشأوا، هو مجموع ما اختار الشريف الرضى أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي، في كتابه " " نهج البلاغة ".
بناه على ما أفرده في كتاب " خصائص الأئمة " من " فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه عليه السلام من الكلام القصير في الحكم والأمثال والآداب، دون الخطب الطويلة والكتب المبسوطة (1) "، ثم جعله كتابا " يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في جميع فنونه ومتشعبات غصونه، من خطب وكتب ومواعظ وآداب، علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربية وثواقب الكلم الدينية والدنيوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام، ولا مجموع الأطراف في كتاب " (1)