زيد القوم أي سبقهم، ورجل فرط: يسبق القوم إلى البئر، فيهيئ لهم الأرشية والدلاء، ومنه قوله عليه السلام: " أنا فرطكم على الحوض "، ويكون تقدير الكلام:
وأيم الله لأفرطن لهم إلى حوض، فلما حذف الجار عدى الفعل بنفسه، فنصب، كقوله تعالى: ﴿واختار موسى قومه﴾ (1)، وتكون اللام في " لهم " إما لام التعدية، كقوله:
" ويؤمن للمؤمنين " أي ويؤمن المؤمنين، أو تكون لام التعليل، أي لأجلهم. ومن رواها " لأفرطن " بضم الهمزة، فهو من أفرط المزادة، أي ملأها.
والماتح: المستقى، متح يمتح، بالفتح، والمايح، بالياء: الذي ينزل إلى البئر فيملأ الدلو.
وقيل لأبي على رحمه الله: ما الفرق بين الماتح والمايح؟ فقال: هما كإعجامهما، يعنى أن التاء بنقطتين من فوق، وكذلك الماتح لأنه المستقى، فهو فوق البئر، والياء بنقطتين من تحت، وكذلك المايح لأنه تحت في الماء الذي في البئر يملأ الدلاء. ومعنى قوله:
" أنا ماتحه " أنا خبير به، كما يقل من يدعى معرفة الدار: أنا باني هذه الدار، والكلام استعارة، يقول لأملأن لهم حياض الحرب التي هي دربتي وعادتي، أو لأسبقنهم إلى حياض حرب أنا متدرب لها، مجرب لها، إذا وردوها لا يصدرون عنها يعنى قتلهم وإزهاق أنفسهم ومن فر منهم لا يعود إليها، ومن هذا اللفظ قول الشاعر:
مخضت بدلوه حتى تحسى ذنوب الشر ملأى أو قرابا (2) * * *