لهفي على تلك تراق في * أيدي أمية عنوة وتضيع يأبى أبو العباس أحمد إنه * خير الورى من أن يطل ويمنع (1) فهو الولي لثارها وهو الحمول * لعبئها إذ كل عود يضلع والدهر طوع والشبيبة غصة * والسيف غضب والفؤاد مشيع (2) وحينما انقضت أيام صباه، وطوى رداء شبابه، خف إلى بغداد، حاضرة الخلافة، وكعبة القصاد، وعش العلماء، وكانت خزائنها بالكتب معمورة، ومجالسها بالعلم والأدب مأهولة، فقرأ الكتب واستزاد من العلم، وأوغل في البحث، ووعى المسائل، ومحص الحقائق، واختلط بالعلماء من أصحاب المذاهب، ثم جنح إلى الاعتدال، وأصبح كما يقول صاحب " نسمة السحر ": معتزليا جاحظيا... في أكثر شرحه للنهج - بعد أن كان شيعيا غاليا.
وفى بغداد أيضا نال الحظوة عند الخلفاء من العباسيين ومدحهم، وأخذ جوائزهم، ونال عندهم سنى المراتب ورفيع المناصب، فكان كاتبا في دار التشريفات، ثم في الديوان، ثم ناظرا للبيمارستان، وأخيرا فوض إليه أمر خزائن الكتب في بغداد، وفى كل هذا كان مرموق الجانب، عزيز المحل، كريم المنزلة إلى أن مات.
وكان مع اشتغاله بالمناصب، ومعاناته للتأليف، شاعرا مجيدا، ذكره صاحب " نسمة السحر في ذكر من تشيع وشعر "، وكان له ديوان، ذكر ابن شاكر أنه كان معروفا مشهورا.
وقد جال بشعره في شتى المعاني ومختلف الأغراض، فقال في المدح والرثاء، والحكم والوصف