الوضوء والجنابة سواء وبه يقول ابن أبي ليلى وعبد الله بن المبارك وأحمد وإسحاق) واستدلوا بأحاديث الباب وقولهم هو الراجح لثبوت الأمر بهما والأصل في الأمر الوجوب مع ثبوت مواظبته صلى الله عليه وسلم عليهما (وقال أحمد الاستنشاق أو كد من المضمضة) لما ورد في حديث لقيط بن صبرة وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما (وقالت طائفة من أهل العلم يعيد في الجنابة ولا يعيد في الوضوء وهو قول سفيان الثوري وبعض أهل الكوفة) وهو قول أبي حنيفة ومن تبع فعند هؤلاء المضمضة والاستنشاق سنتان في الوضوء وواجبان في غسل الجنابة واستدلوا على عدم الوجوب في الوضوء بحديث عشر من سنن المرسلين وقد رده الحافظ في التلخيص وقال إنه لم يرد بلفظ عشر من السنن بل بلفظ من الفطرة ولو ورد لم ينتهض دليلا على عدم الوجوب لأن المراد به السنة أي الطريقة لا السنة بالمعنى الأصولي واستدلوا أيضا بحديث ابن عباس مرفوعا بلفظ المضمضة والاستنشاق سنة رواه الدارقطني قال الحافظ وهو حديث ضعيف واستدلوا أيضا بما رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم من قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي توضأ كما أمرك الله فأحاله على الآية وليس فيها ذكر المضمضة والاستنشاق والاستنثار ورد بأن الأمر بغسل الوجه أمر بها وبأن وجوبها ثبت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر منه أمر من الله تعالى بدليل وما آتاكم الرسول فخذوه قوله (وقالت طائفة لا يعيد في الوضوء ولا في الجنابة إلخ) ليس لهذه الطائفة دليل صحيح وقد اعترف جماعة من الشافعية وغيرهم بضعف دليل من قال بعدم وجوب المضمضة والاستنشاق والاستنثار قاله في النيل والله تعالى أعلم
(٩٩)