رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلا بيت القدس مستدبرا القبلة وبحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أوقد فعلوها حولوا مقعدي إلى القبلة رواه أحمد وابن ماجة وإسناده حسن واحتج من أباح الاستدبار دون الاستقبال بحديث سلمان يعني الذي رواه مسلم بلفظ لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين الحديث واحتج من حرم الاستقبال والاستدبار في الصحراء وأباحهما في البنيان بحديث من عمر وبحديث عائشة المذكورين وبحديث جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وإسناده حسن وبحديث مروان الأصغر قال رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها فقلت يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن ذلك فقال بلى إنما نهى عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس رواه أبو داود وغيره فهذه أحاديث صحيحة صريحة بالجواز بين البنيان وحديث أبي أيوب وسلمان وأبي هريرة وغيرهم وردت بالنهي فتحمل على الصحراء ليجمع بين الأحاديث ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها وقد أمكن الجمع على ما ذكرناه فوجب المصبر إليه انتهى كلام النووي بتلخيص قلت رجح النووي مذهب مالك والشافعي وغيرهما ورجحه أيضا الحافظ ابن حجر حيث قال هو أعدل الأقوال لإعماله جميع الأدلة وعندي أولى الأقوال وأقواها دليلا هو قول من قال إنه لا يجوز ذلك مطلقا لا في البنيان ولا في الصحراء فإن القانون الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب لأمته هو قوله لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها وهو بإطلاقه شامل للبنيان والصحراء ولم يغيره صلى الله عليه وسلم في حق أمته لا مطلقا ولا من وجه فأما حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم إلخ الذي ذكره النووي وقال إسناده حسن فهو حديث ضعيف منكر لا يصلح للاحتجاج قال الحافظ الذهبي في الميزان خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة حولوا مقعدتي نحو القبلة أو قد فعلوها لا يكاد يعرف تفرد عنه خالد الحذاء وهذا حديث منكر فتارة رواه الحذاء عن عراك وتارة يقول عن رجل عن عراك وقد روى عن خالد بن أبي الصلت سفيان بن حصين ومبارك بن فضالة وغيرهما وذكره ابن حبان في الثقات وما علمت أحدا يعرض إلى لينه لكن
(٤٨)