الماء فلما جمعتهم الحاجة انتظم الجواب بهما وقال ابن العربي وذلك من محاسن الفتوى أن يجاء في الجواب بأكثر مما يسئل عنه تتميما للفائدة وإفادة لعلم آخر غير مسؤول عنه ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا لأن من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفا قال الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير في السبل المراد بالميتة ما مات فيه من دوابه مما لا يعيش إلا فيه لا ما مات فيه مطلقا فإنه وأن صدق عليه لغة أنه ميتة بحر فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكرنا قال وظاهره حل كل ما مات فيه ولو كان كالكلب والخنزير انتهى قلت اختلف أهل العلم في حل غير السمك من دواب البحر فقال الحنفية يحرم أكل ما سوى السمك وقال أحمد يؤكل كل ما في البحر إلا الضفدع والتمساح وقال ابن أبي ليلى ومالك يباح كل ما في البحر وذهب جماعة إلى أن ماله نظير من البر يؤكل نظيره من حيوان البحر مثل بقر الماء ونحوه ولا يؤكل نظيره في البر مثل كلب الماء وخنزير الماء فلا يحل أكله وعن الشافعية أقوال قال الحافظ في الفتح لا خلاف بين العلماء في حل السمك على اختلاف أنواعه وإنما اختلف فيما كان على صورة حيوان البر كالآدمي والكلب والخنزير والثعبان فعند الحنفية وهو قول الشافعية يحرم ما عدا السمك وعن الشافعية الحل مطلقا على الأصح المنصوص وهو مذهب المالكية إلا الخنزير في رواية وحجتهم قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهم وعن الشافعية ما يؤكل نظيره في البر حلال وما لا فلا واستثنوا على الأصح ما يعيش في البحر والبر وهو نوعان النوع الأول ما ورد في منع أكله شئ يخصه كالضفدع وكذا استثناه أحمد للنهي عن قتله ومن المستثنى أيضا التمساح لكونه يعدو بنابه ومثله القرش في البحر الملح خلافا لما أفتى به المحب الطبري والثعبان والعقرب والسرطان والسلحفاة للاستخباث والضرر اللاحق من السم النوع الثاني ما لم يرد فيه مانع فيحل أكله بشرط التذكية كالبط وطير الماء انتهى كلام
(١٨٩)