أمر لا بد منه وهو الذي دلت عليه الأحاديث قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم مطولا قوله (وأنه مسح بماء غبر) بالغين المعجمة والباء الموحدة المفتوحتين أي بقي وما موصولة وفي بعض النسخ بماء غبر (فضل يديه) كذا في النسخ المطبوعة الموجودة عندنا وفي نسخة قلمية عتيقة صحيحة من فضل يديه بزيادة لفظة من وهو الظاهر والظاهر عندي أن من بيانية والمعنى أنه لم يمسح الرأس بماء جديد بل مسح بما بقي على يديه أي ببقية من ماء يديه وأما على ما في النسخة المطبوعة فالظاهر أن فضل يديه بالجر يدل ما غبر ويجوز أن يكون بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي وهو فضل يديه هذا كله ما عندي والله تعالى أعلم ورواية ابن لهيعة هذه مخالفة لرواية عمرو بن الحارث المذكورة أولا ولكن رواية عمرو أصح من رواية ابن لهيعة كما صرح به الترمذي قوله (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم رأوا أن يأخذ لرأسه ماء جديدا) واستدلوا على ذلك بحديث الباب قال أبو الطيب السندي في شرح الترمذي وبه أخذ علماؤنا يعني الحنفية غير أنهم قالوا هذا إذا أصاب يده شيئا بحيث لم يبق البلل في يده وهو لا ينافي الحديث بل العلة تقتضيه نعم ظاهر هذا الحديث الإطلاق فيأخذ ماء جديدا على كل حال لكن الحديث الثاني مسح رأسه بماء غبر أي بقي من فضل يديه يدل على الذي ذهب إليه علماؤنا فهم حملوا الحديثين على حالة والآخر على حالة أخرى ففيه جمع بين الحديثين ولا شك أن الجمع أولى انتهى كلام أبي الطيب قلت رواية مسح بما غبر تفرد بها ابن لهيعة وهو ضعيف وخالف فيها عمرو بن الحارث وهو ثقة حافظ فهذه الرواية غير محفوظة نعم أخرج أبو داود عن ربيع بنت معوذ أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده قال السيوطي في مرقاة الصعود احتج به من رأى طهورية الماء المستعمل وتأوله البيهقي على أنه أخذ ماء جديدا وصب نصفه ومسح ببلل يده ليوافق
(١١٦)