يطول الكتاب بتكرير الأسانيد: إن بني هاشم اجتمعوا فخطبهم عبد الله بن الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنكم أهل البيت قد فضلكم الله بالرسالة، واختاركم لها، وأكثركم بركة يا ذرية محمد صلى الله عليه وآله بنو عمه وعترته، وأولى الناس بالفزع في أمر الله، من وضعه الله موضعكم من نبيه صلى الله عليه وآله، وقد ترون كتاب الله معطلا، وسنة نبيه متروكة، والباطل حيا، والحق ميتا. قاتلوا لله في الطلب لرضاه بما هو أهله، قبل أن ينزع منكم اسمكم، وتهونوا عليه كما هانت بنو إسرائيل، وكانوا أحب خلقه إليه، وقد علمتم أنا لم نزل نسمع أن هؤلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضا خرج الامر من أيديهم، فقد قتلوا صاحبهم - يعني الوليد بن يزيد - فهلم نبايع محمدا، فقد علمتم أنه المهدي.
فقالوا: لم يجتمع أصحابنا بعد، ولو اجتمعوا فعلنا، ولسنا نرى أبا عبد الله جعفر بن محمد، فأرسل إليه ابن الحسن فأبى أن يأتي، فقام وقال: أنا آت به الساعة، فخرج بنفسه حتى أتى مضرب الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحرث، فأوسع له الفضل ولم يصدره، فعلمت أن الفضل أسن منه، فقام له جعفر وصدره، فعلمت أنه أسن منه.
ثم خرجنا جميعا حتى أتينا عبد الله، فدعى إلى بيعة محمد، فقال له جعفر: إنك شيخ، وإن شئت بايعتك، وأما ابنك فوالله لا أبايعه وأدعك.
وقال عبد الله الاعلى في حديثه: إن عبد الله بن الحسن قال لهم: لا ترسلوا إلى جعفر فإنه يفسد عليكم، فأبوا، قال: فأتاهم وأنا معهم، فأوسع له عبد الله إلى جانبه وقال: قد علمت ما صنع بنا بنو أمية، وقد رأينا أن نبايع لهذا الفتى.
فقال: لا تفعلوا، فإن الامر لم يأت بعد.
فغضب عبد الله وقال: لقد علمت خلاف ما تقول، ولكنه يحملك على ذلك الحسد لابني.
فقال: لا والله، ما ذاك يحملني، ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم. وضرب يده على ظهر أبي العباس، ثم نهض واتبعه، ولحقه عبد الصمد، وأبو جعفر فقالا: يا أبا عبد الله، أتقول ذلك؟ قال: نعم والله أقوله وأعلمه.
قال أبو زيد: وحدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام بهذا الحديث، عن أبيه، أن جعفرا قال لعبد الله بن الحسن: إنها والله ما هي إليك، ولا إلى ابنيك، ولكنها لهؤلاء، وإن ابنيك لمقتولان. فتفرق أهل المجلس ولم يجتمعوا بعدها.
وقال عبد الله بن جعفر بن المسور في حديثه: فخرج جعفر يتوكأ على يدي فقال لي: أرأيت صاحب الرداء الأصفر، يعني أبا جعفر؟ قلت: نعم، قال: فإنا والله نجده يقتل محمدا، قلت: أو يقتل محمدا؟ قال: نعم. فقلت في نفسي: حسده ورب الكعبة، ثم ما خرجت والله من الدنيا حتى رأيته قتله.
*: الارشاد: ص 276 - 277 - عن روايتي مقاتل الطالبيين.
*: إعلام الورى: ص 271 - 272 ب 5 ف 3 - عن رواية مقاتل الطالبيين الأولى، باختصار.