وأنتم يا معشر العرب يومئذ على شر دين وفي شر دار، منيخون على حجارة خشن وحيات صم وشوك مبثوث في البلاد، تشربون الماء الخبيث، وتأكلون الطعام الجشيب، وتسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم، وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم (بينكم) بالباطل، سبلكم خائفة، والأصنام فيكم منصوبة، (والآثام بكم معصوبة)، ولا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (1).
- عنه (عليه السلام) - في الاعتبار بالأمم السابقة وتحذير العصاة المتكبرين -: اعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل عليهم السلام. فما أشد اعتدال الأحوال، وأقرب اشتباه الأمثال! تأملوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم، ليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أربابا لهم، يحتازونهم (2) عن ريف الآفاق، وبحر العراق، وخضرة الدنيا، إلى منابت الشيح (3)، ومهافي الريح، ونكد (4) المعاش، فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر ووبر (5)، أذل الأمم دارا، وأجدبهم قرارا، لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها، ولا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها، فالأحوال مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة، في بلاء أزل وأطباق جهل! من بنات موؤودة، وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة.
فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا - فعقد بملته طاعتهم، وجمع على دعوته ألفتهم - كيف نشرت النعمة عليهم جناح