سبيلها، فلا مال تقتات به ولا راغب في نكاحها ينفق عليها، والابتلاء بأمر الأيتام من أكثر الحوادث المبتلى بها بينهم لمكان دوام الحروب والغزوات والغارات، فبالطبع كان القتل شائعا بينهم.
وكان من شقاء أولادهم أن بلادهم الخربة وأراضيهم القفرة البائرة كان يسرع الجدب والقحط إليها، فكان الرجل يقتل أولاده خشية الإملاق (1)، وكانوا يئدون البنات (2)، وكان من أبغض الأشياء عند الرجل أن يبشر بالأنثى (3).
وأما وضع الحكومة بينهم فأطراف شبه الجزيرة وإن كانت ربما ملك فيها ملوك تحت حماية أقوى الجيران وأقربها، كإيران لنواحي الشمال، والروم لنواحي الغرب، والحبشة لنواحي الجنوب، إلا أن قرى الأوساط كمكة ويثرب والطائف وغيرها كانت تعيش في وضع أشبه بالجمهورية وليس بها، والعشائر في البدو بل حتى في داخل القرى كانت تدار بحكومة رؤسائها وشيوخها وربما تبدل الوضع بالسلطنة.
فهذا هو الهرج العجيب الذي كان يبرز في كل عدة معدودة منهم بلون، ويظهر في كل ناحية من أرض شبه الجزيرة في شكل مع الرسوم العجيبة والاعتقادات الخرافية الدائرة بينهم، وأضف إلى ذلك بلاء الأمية وفقدان التعليم والتعلم في بلادهم فضلا عن العشائر والقبائل.
وجميع ما ذكرناه من أحوالهم وأعمالهم والعادات والرسوم الدائرة بينهم مما يستفاد من سياق الآيات القرآنية والخطابات التي تخاطبهم بها أوضح استفادة، فتدبر في المقاصد التي ترومها الآيات والبيانات التي تلقيها إليهم بمكة أولا، ثم