بيان:
كان الجهل المطبق الذي خيم على العرب قبل الاسلام قد مهد الأجواء لشيوخهم ورؤسائهم لاستغلال تلك الظروف، فانتهزوا تلك الفترة من الرسل وسخروا عواطف ومشاعر الناس الصادقة وسنوا أحكاما وعادات اجتماعية تعود عليهم بالمنفعة، وابتدعوا الكثير من البدع. وكان من جملة هؤلاء شخص اسمه عمر بن لحي، وكان هذا الشخص قد استحوذ حينذاك على واحدة من أهم ثروات العرب، ألا وهي الإبل، وابتدع لها سننا وأضفى عليها طابعا قدسيا قيد بموجبه سبل الاستفادة والانتفاع من أربعة أنواع من الإبل كانت تسمى:
البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي. وكانت لها دلالات متباينة ولكنها على نحو متقارب (1). وتشترك جميعها في نقطة واحدة هي إضفاء نوع من الحرمة على هذه الإبل وتحريم لبنها ولحمها وصوفها وظهرها على الكثير من الناس، فيما أباحها للبعض الآخر كسدنة بيوت الأصنام وخدامها.
اقترنت هذه البدعة بنظرة الاستخفاف التي كان العرب يعاملون بها المرأة، فنجم عن ذلك تشديد هذا الحكم على النساء، فكان لا يحق لهن أكل لحم هذه الإبل إلا بعد موتها.
وكان من نتيجة هذا التقليد أن السدنة وخدمة الأصنام أبيحت لهم الاستفادة من المراعي والعيون والآبار على ندرتها في الجزيرة العربية، ونجم عن ذلك أيضا أنهم صاروا ينذرون الإبل للأصنام وسدنتها من باب الشكر أو لقضاء حاجة