الجهل، واعتراض من الفتنة، وانتقاض من المبرم (1)، وعمى عن الحق، واعتساف (2) من الجور، وامتحاق من الدين، وتلظ (- ي) من الحروب، على حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، ويبس من أغصانها، وانتثار من ورقها، ويأس من ثمرها، واغورار من مائها، قد درست أعلام الهدى، فظهرت أعلام الردى.
فالدنيا متهجمة في وجوه أهلها مكفهرة (3)، مدبرة غير مقبلة، ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف، مزقتم كل ممزق وقد أعمت عيون أهلها، وأظلمت عليها أيامها، قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ودفنوا في التراب الموؤودة بينهم من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا. لا يرجون من الله ثوابا، ولا يخافون والله منه عقابا. حيهم أعمى نجس، وميتهم في النار مبلس (4)، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى، وتصديق الذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام (5).
- عنه (عليه السلام): أشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالدين المشهور... والناس في فتن انجذم فيها حبل الدين، وتزعزعت سواري (6) اليقين، واختلف النجر (7)، وتشتت الأمر، وضاق المخرج، وعمي المصدر، فالهدى خامل،