ما اجتمعت عليه عامة المسلمين ويتخذونكم لحافا، فاحذروا أن تكونوا جهد المنيع فإما دخلتم فيما دخل فيه العامة، أو دفعتموهم عما مالوا إليه، وقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك إذ كنت عم رسول الله، وإن كان الناس قد رؤا مكانك ومكان أصحابك فعدلوا الأمر عنكم، على رسلكم بني عبد المطلب!
فإن رسول الله منا ومنكم.
ثم قال عمر: أي والله وأخرى: إنا لم نأتكم حاجة منا إليكم، ولكنا كرهنا أن يكون الطعن منكم فيما اجتمع عليه العامة، فتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا.
فتكلم العباس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله بعث محمدا كما زعمت نبيا و للمؤمنين وليا فمن الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده فخلى الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت؟
فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت؟ فنحن منهم متقدمون فيهم، وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين؟ فما وجب إذ كنا كارهين، فأما ما بذلت لنا فإن يكن حقا لك؟ فلا حاجة لنا فيه، وإن يكن حقا للمؤمنين؟ فليس لك أن تحكم عليهم، وإن كان حقنا؟ لم نرض عنك فيه ببعض دون بعض.
وأما قولك: إن رسول الله منا ومنكم فإنه قد كان من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
38 - وما عذر من استشكل على أبي بكر في استخلافه عمرا على الصحابة؟ قالت عايشة رضي الله عنها لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك غدا إذا قدمت عليه وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟ قالت: فأجلسناه فقال:
أبالله ترهبوني؟ أقول: استخلفت عليهم خيرهم. سنن البيهقي 8 ص 149].
39 - وما الذي أقعد عليا أمير المؤمنين عن بيعة عثمان يوم الشورى بعد ما بايعه عبد الرحمن بن عوف وزملائه وكان علي قائما فقعد، فقال له عبد الرحمن: بايع و إلا ضربت عنقك، ولم يكن مع أحد يومئذ سيف غيره، فيقال: إن عليا خرج مغضبا فلحقه أصحاب الشورى وقالوا: بايع وإلا جاهدناك. فأقبل معهم حتى بايع عثمان.
الأنساب للبلاذري 5: 22.