تلكم النصوص، وأبت بيعة أبي بكر وقالت: لا نبايع إلا عليا؟ أو قالت: منا أمير ومنكم أمير (1) وكيف تقاعس عنها طلحة والزبير والمقداد وسلمان وعمار وأبو ذر وخالد بن سعيد ورجال من المهاجرين؟ (2) وأبوا إلا عليا واجتمعوا في داره عليه السلام وأخرجتهم يد السياسة الوقتية إلى البيعة عنوة ونودي عليهم: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة؟ وما شأن الصحابي العظيم سعد بن عبادة يأنف من بيعة أبي بكر ويقول: أيم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي؟ وكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم ويحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم. تاريخ الطبري 3: 198، 200، 207، 210. وما عذر العباس عم النبي الطاهر وبني هاشم في تخلفهم عن تلك البيعة والصفح عن تلكم العهود المؤكدة؟.
36 - وقبل هذه كلها إباية علي أمير المؤمنين تلك البيعة الانتخابية وحجاجه المفحم على أهلها، قال ابن قتيبة: ثم إن عليا كرم الله وجهه أتي به إلى أبي بكر وهو يقول: أنا عبد الله، أخو رسول الله. فقيل له: بايع أبا بكر. فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلى الله عليه وسلم وتأخذوه منا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم! فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة، فإذا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيا وميتا فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبووا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال له عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي:
إحلب حلبا لك شطره، وشد له اليوم يمدده عليك غدا. ثم قال: والله يا عمر! لا أقبل قولك ولا أبايعه. فقال أبو بكر: فإن لم تبايع فلا أكرهك - فقال أبو عبيدة بن الجراح كرم الله وجهه: يا ابن عم! إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم و معرفتهم بالأمور، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك، وأشد احتمالا واستطلالا، فسلم لأبي بكر هذا الأمر، فإنك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق و حقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.