الملأ الأعلى، أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد، أو تكلمه الملائكة بلا نبوة أو من إذا رأى رأيا أو ظن ظنا أصاب كأنه حدت به، والقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له، وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده، وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء.
فإن يكن من أمتي منهم أحد فإنه عمر، كأنه جعله في انقطاع قرينة في ذلك كأنه نبي، فلذلك أتى بلفظ إن بصورة الترديد. قال القاضي: ونظير هذا التعليق في الدلالة على التأكيد والاختصاص قولك: إن كان لي صديق فهو زيد، فإن قائله لا يريد به الشك في صداقته بل المبالغة في أن الصداقة مختصة به لا تتخطاه إلى غيره.
وقال القرطبي: قوله " فإن يكن " دليل على قلة وقوعه وندرته، وعلى أنه ليس المراد بالمحدثين المصيبون فيما يظنون لأنه كثير في العلماء بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر، ومعنى الخبر قد تحقق ووجد في عمر قطعا وإن كان النبي صلى الله عليه وآله لم يجزم بالوقوع، وقد دل على وقوعه لعمر أشياء كثيرة كقصة: الجبل يا سارية! الجبل. وغيره، وأصح ما يدل على ذلك شهادة النبي صلى الله عليه وآله له بذلك حيث قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه (1).
قال ابن حجر: وقد كثر هؤلاء المحدثون بعد العصر الأول وحكمته زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء، فلما فات هذه الأمة المحمدية كثرة الأنبياء لكون نبيهم خاتم الأنبياء عوضوا تكثير الملهمين.
* (تنبيه) * قال الغزالي: قال بعض العارفين سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهد النفس فالتفت إلى شماله وقال: ما تقول رحمك الله؟ ثم إلى يمينه كذلك، ثم أطرق إلى صدره فقال: ما تقول؟ ثم أجاب فسألته عن التفاته؟ فقال: لم يكن عندي علم فسألت الملكين فكل قال: لا أدري فسألت قلبي فحدثني بما أجبت فإذا هو أعلم منهما. قال الغزالي: وكأن هذا معنى هذا الحديث. ا ه.
ويجد الباحث في طي كتب التراجم جمعا من كلمتهم الملائكة منهم: عمران بن