يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس أو بقرب قبر صالح، ولو أوصى بنقله إلى أحد الأماكن المذكورة لزم تنفيذ وصيته عند الأمن من التغيير، والمراد بمكة جميع الحرم لا نفس البلد (1).
وقالت الحنفية: يستحب أن يدفن الميت في الجهة التي مات فيها، ولا بأس بنقله من بلدة إلى أخرى قبل الدفن عند أمن تغير رائحته، أما بعد الدفن فيحرم إخراجه إلا إذا كانت الأرض التي دفن فيها مغصوبة أو أخذت بعد دفنه بشفعة (2).
ومن سبر التاريخ وجد الاطباق من علماء المذاهب على جواز النقل في الصورتين عملا، وكان من المرتكز في الأذهان نقل الجثث إلى البقاع الشريفة من أرض بيت الله الحرام، أو جواز النبي الأعظم، أو قرب إمام مذهب، أو مرقد ولي صالح، أو بقعة اختصها الله بالكرامة، أو إلى حيث مجتمع أهل الميت، أو قبور ذويه.
م - وكان يوم نقل رفاة أولئك الرجال من المذاهب الأربعة يوما مشهودا تقام فيه حفلات مكتظة يحضر فيها حشد من العلماء والخطباء والقراء وأناس آخرين، كل ذلك ينبأ عن جوازه، وإصفاق الأمة الاسلامية عليه]. بل كان ذلك مطردا منذ عهد (3) الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان بوصية من الميت أو بترجيح من أوليائه، وكاد أن يكون من المجمع عليه عملا عند فرق المسلمين في القرون الإسلامية. ولو لم يكن كذلك لما اختلفت الصحابة في دفن رسول الله صلى الله عليه وآله، بالمدينة أو بمكة أو عند جده إبراهيم الخليل (4).
وتراه كان مشروعا في الشرايع السالفة فقد مات آدم عليه السلام بمكة ودفن في غار أبي قبيس، ثم حمل نوح تابوته في السفينة، ولما خرج منها دفنه في بيت المقدس (5) وفي أحاديث