والبعث والنشور ونفخ الصور والحساب والحور والقصور والولدان وما يقع في العرض الأكبر، إلى آخر ما آمن من به المؤمن وصدقه، فهذا غيب كله، وأطلق عليه الغيب في الكتاب العزيز، وبذلك عرف الله المؤمنين في قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب " البقرة 3 " وقوله تعالى: الذين يخشون ربهم بالغيب " الأنبياء 49 " وقوله: إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب " فاطر 18 " وقوله: إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب " يس 11 " وقوله: من خشي الرحمن بالغيب " ق 33 " وقوله:
إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة " الملك 12 " وقوله: جنات عدن وعد الله عباده بالغيب " مريم 61 ".
ومنصب النبوة والرسالة يستدعي لمتوليه العلم بالغيب من شتى النواحي مضافا إلى ما يعلم منه المؤمنون، وإليه يشير قوله تعالى: كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين " هود " ومن هنا قص على نبيه القصص، وقال بعد النبأ عن قصة مريم: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " آل عمران 44 " وقال بعد سرد قصة نوح: تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك.
" هود 49 " وقال بعد قصة إخوان يوسف: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " يوسف 102 ".
وهذا العلم بالغيب الخاص بالرسل دون غيرهم ينص عليه بقوله تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول. نعم: ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
فالأنبياء والأولياء والمؤمنون كلهم يعلمون الغيب بنص من الكتاب العزيز، ولكل منهم جزء مقسوم، غير أن علم هؤلاء كلهم بلغ ما بلغ محدود لا محالة كما وكيفا، وعارض ليس بذاتي، ومسبوق بعدمه ليس بأزلي، وله بدء ونهاية ليس بسرمدي، ومأخوذ من الله سبحانه وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو.
والنبي ووارث علمه في أمته (1) يحتاجون في العمل والسير على طبق علمهم بالغيب