بإسناده عن علي بن عبد العزيز الطلحي قال قال لي الربيع بن سليمان: قال لي الشافعي:
يا ربيع: خذ كتابي وامض به وسلمه إلى عبد الله أحمد بن حنبل واتني بالجواب قال الربيع: فدخلت بغداد ومعي الكتاب ولقيت أحمد بن حنبل صلاة الصبح فصليت معه الفجر فلما انفتل من المحراب سلمت الكتاب وقلت له: هذا كتاب أخيك الشافعي من مصر. فقال أحمد: نظرت فيه؟ قلت: لا. وكسر أحمد الخاتم وقرأ الكتاب فتغرغرت عيناه بالدموع فقلت له: أي شئ فيه يا أبا عبد الله؟! فقال: يذكر إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السلام وقل: إنك ستمتحن وتدعى إلى خلق القرآن فلا تجبهم يرفع الله لك علما إلى يوم القيامة. قال الربيع فقلت: البشارة. فخلع قميصه الذي يلي جلده فدفعه إلي فأخذته وخرجت إلى مصر وأخذت جواب الكتاب وسلمته إلى الشافعي فقال لي: يا ربيع! أي شئ الذي دفع إليك؟! قلت: القميص الذي يلي جلده. فقال لي الشافعي: ليس نفجعك به ولكن بله و ادفع إلينا الماء حتى أشركك فيه (1) ورواه بطريق آخر وفيه: قال الربيع فغسلته فحملت ماءه إليه فتركته في قنينة وكنت أراه في كل يوم يأخذ منه ويمسح على وجهه تبركا بأحمد ابن حنبل. وذكره ابن كثير في تاريخه 10 ص 331 نقلا عن البيهقي.
وقال الفقيه أحمد بن محمد أبو بكر اليازودي: دخلت العراق فكتبت كتب أهل العراق وكتبت كتب أهل الحجاز فمن كثرة اختلافهما لم أدر بأيهما آخذ، إلى أن قال: فمن كثرة اختلافهما تركت الجماعة وخرجت فأصابني غم وبت مغموما فلما كان في جوف الليل قمت وتوضأت وصليت ركعتين وقلت: اللهم اهدني إلى ما تحب و ترضى ثم آويت إلى فراشي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم دخل من باب بني شيبة فأسند ظهره إلى الكعبة ورأيت الشافعي وأحمد بن حنبل على يمين النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم إليهما، ورأيت بشر المريسي على يسار النبي صلى الله عليه وسلم مكلح الوجه فقلت: يا رسول الله!
من كثرة اختلاف هذين الرجلين لم أدر بأيهما آخذ فأومأ إلى الشافعي وأحمد بن حنبل وقال: أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة. ثم أومأ إلى بشر المريسي و قال: فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. قال أبو بكر: والله