بذبائحهم ونذورهم للميتين من الأنبياء والأولياء إلا الصدقة عنهم، وجعل ثوابها إليهم، وقد عملوا أن إجماع أهل السنة منعقد على أن صدقة الأحياء نافعة للأموات واصلة إليهم، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة فمنها ما صح عن سعد: إنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا نبي الله إن أمي قد افتلتت وأعلم أنها لو عاشت لتصدقت أفإن تصدقت عنها أينفعها ذلك؟ قال: نعم. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أنفع يا رسول الله؟ قال:
الماء. فحفر بئرا وقال: هذه لأم سعد. فهذه اللام هي الداخلة على الجهة التي وجهت إليها الصدقة لا على المعبود المتقرب إليه، وهي كذلك في كلام المسلمين، فهم سعديون لا وثنيون. وهي كاللام في قوله: إنما الصدقات للفقراء. لا كاللام التي في قول القائل:
صليت لله ونذرت لله، فإذا ذبح للنبي أو نذر الشئ له فهو لا يقصد إلا أن يتصدق بذلك عنه، ويجعل ثوابه إليه فيكون من هدايا الأحياء للأموات المشروعة المثاب على إهدائها، والمسألة مبسوطة في كتب الفقه وفي كتب الرد على هذا الرجل ومن شايعه. ا ه.
فالنذر بالذبح وغيره للأنبياء والأولياء أمر مشروع سائغ من سيرة المسلمين عامة من دون أي اختصاص بفرقة دون أخرى، وإنما يثاب به الناذر إن كان لله و ذبح المنذور بالذبح باسم الله. قال الخالدي: بمعنى أن الثواب لهم والمذبوح منذور لوجه الله كقول الناس: ذبحت لميتي بمعنى تصدقت عنه. وكقول القائل: ذبحت للضيف بمعنى أنه كان السبب في حصول الذبح. ا ه. وليس هناك أي وازع من جواز نذر الذبح ولزوم الوفاء به إن كان على الوجه المذكور ولا يتصور من مسلم غيره.
وربما يستدل في المقام بما أخرجه أبو داود السجستاني في سننه 2 ص 80 بإسناده عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة (1) فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن يعبد من أوثان الجاهلية؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله تعالى ولا فيهما لا يملك ابن آدم.
وبما أخرجه أبو داود في السنن 2 ص 81 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت: يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك الدف. قال: أوفي بنذرك.