شديدا، ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت، فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن، وأسماء بنت عميس، ووجهت خلف علي عليه السلام وأحضرته، فقالت: يا بن عم إنه قد نعيت إلي نفسي وإنني لأرى ما بي [لا أشك] (1) إلا أنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.
قال لها علي عليه السلام: أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت، ثم قالت: يا بن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني.
فقال: معاذ الله، أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله أن أوبخك بمخالفتي، قد (2) عز علي مفارقتك وتفقدك (3)، إلا أنه أمر لا بد منه، والله جددت (4) علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد عظمت وفاتك وفقدك، فإنا لله وانا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها، هذه والله مصيبة لا عزاء لها (5)، ورزية لا خلف لها.
ثم بكيا جميعا ساعة وأخذ علي عليه السلام رأسها وضمها إلى صدره، ثم قال:
أوصيني بما شئت، فإنك تجدينني امضي فيها كما (6) أمرتني به وأختار أمرك على أمري، ثم قالت: جزاك الله عني خير الجزاء، يا بن عم رسول الله.
ثم أوصته بان يتزوج بعدها امامة بنت أختها [زينب] (7) وأن يتخذ لها نعشا، وأن لا يشهد أحد جنازتها من الذين ظلموها، وأخذوا حقها، وأن لا يصلي عليها أحد منهم، ولا من أتباعهم، وأن يدفنها بالليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار (8).