أقول: لو صح هذا من ابن المنكدر فقد أخذ هذا من آل داود، فقد روي أن داود عليه السلام جزأ ساعات الليل والنهار على أهله، فلم يكن ساعة إلا وإنسان من أولاده [مشغولا] في الصلاة، فقال تعالى: * (اعملوا آل داود شكرا) * (1).
وروي أنه عليه السلام خرج حاجا فلما دخل المسجد ونظر إلى البيت بكى حتى علا صوته، ثم طاف بالبيت، وصلى عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من كثرة دموع عينيه، وكان عليه السلام إذا ضحك، قال: اللهم لا تمقتني، وكان يقول في جوف الليل في تضرعه: أمرتني فلم أأتمر، ونهيتني فلم أنزجر، فها أنا ذا عبدك بين يديك ولا أعتذر (2).
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان أبي عليه السلام إذا أحزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا، وأمنوا (3).
وقال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله، وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: لا إله إلا الله، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر (4).
فصل في مكارم أخلاقه عليه السلام كان أبو جعفر الباقر عليه السلام مع ما وصف من الفضل في العلم والسؤدد والرئاسة