روي عن الفضل بن شاذان، قال: دخلت العراق فرأيت أحدا يعاتب صاحبه، ويقول له: أنت رجل عليك عيال وتحتاج أن تكتسب عليهم وما آمن من أن تذهب عيناك لطول سجودك، فلما أكثر عليه قال: أكثرت علي، ويحك لو ذهبت عين أحد من السجود لذهبت عين ابن أبي عمير، ما ظنك برجل سجد سجدة الشكر بعد صلاة الفجر فما رفع رأسه إلا [عند] (1) زوال الشمس (2).
وقال الفضل: أخذ يوما شيخي بيدي وذهب بي إلى ابن أبي عمير، فصعدنا إليه في غرفة وحوله مشائخ له (3) يعظمونه ويبجلونه، فقلت لأبي: من هذا؟ قال: هذا ابن أبي عمير، قلت: الرجل الصالح العابد؟ قال: نعم (4).
وروي أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر عليهما السلام جارية حصيفة (5) لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن، وأنفذ الخادم إليه ليستفحص (6) عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول: قدوس قدوس (7) سبحانك سبحانك، فأتى بها وهي ترعد شاخصة إلى (8) السماء بصرها، وأقبلت في الصلاة، فإذا قيل لها في ذلك، قالت: هكذا رأيت العبد الصالح، فما زالت كذلك حتى ماتت (9).
فصل فيما جرى على موسى بن جعفر عليهما السلام من الرشيد قبض الرشيد على موسى بن جعفر عليهما السلام سنة تسع وسبعين ومائة في سفره