راقع الدنيا بالدين، أبهذا أمرك الرحمن، أم على هذا دلك القرآن.
تخرب ما يبقى وتعمر فانيا * فلا ذاك موفور ولا ذاك عامر وهل لك إن وافاك حتفك بغتة * ولم تكتسب خيرا لدى الله عاذر أترضى بأن تفنى الحياة وتنقضي * ودينك منقوص ومالك وافر فبك إلهنا نستجير يا عليم يا خبير، من نؤمل لفكاك رقابنا غيرك ومن نرجوا لغفران ذنوبنا سواك، وأنت المتفضل المنان، القائم الديان العائد علينا بالإحسان، بعد الإساءة منا والعصيان. يا ذا العزة والسلطان، والقوة والبرهان، أجرنا من عذابك الأليم، واجعلنا من سكان دار النعيم، يا أرحم الراحمين (1).
فصل في مدحه واستلامه الحجر الأسود عليه السلام روى الشيخ الكشي وغيره عن ابن عائشة: إن هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك [والوليد] (2)، وطاف بالبيت فأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر فجلس [عليه] (3)، وأطاف به أهل الشام، فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليهما السلام وعليه ازار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، وبين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ [إلى موضع] (4) الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له واجلالا، فغاظ ذلك هشاما، فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني أعرفه: فقال الشامي: ومن هذا يا أبا فراس؟ فقال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم