فصل في عبادته ومكارم أخلاقه ومعالي أموره عليه السلام روي أنه كان جلوس الرضا عليه السلام في الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح (1)، ولبسه الغليظ من الثياب، حتى إذا برز للناس تزين لهم (2).
وكان عليه السلام إذا صلى الغداة وكان يصليها في أول وقت، ثم يسجد فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس، ثم يقوم فيجلس للناس أو يركب ولم يكن أحد يقدر أن يرفع صوته في داره كائنا من كان، وكانت قيمة في داره تنبه النساء بالليل وتأخذهن بالصلاة، وكان ذلك من أشد ما عليهن، حتى أن بعض الجواري تمنت الخروج من داره (3).
وكان عليه السلام يكلم الناس قليلا وكان كلامه وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن المجيد، وكان يختمه في كل ثلاث، ويقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمت، ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شئ أنزلت، وفي أي وقت؟ فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام (4).
وروي عن أبي الصلت، قال: جئت إلى باب الدار التي حبس فيها الرضا عليه السلام بسرخس، وقد قيد عليه السلام فاستأذنت عليه السجان، فقال: لا سبيل لك إليه، فقلت:
ولم؟ قال: لأنه ربما صلى في يومه وليلته ألف ركعة، وإنما ينفتل في صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال، وعند اصفرار الشمس فهو في هذه الأوقات قاعد في