وعن مصباح الأنوار عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام، قال: إن فاطمة عليها السلام لما احتضرت أوصت عليا، فقالت: إذا أنا مت فتول أنت غسلي، وجهزني، وصل علي وأنزلني في قبري وألحدني، وسو التراب علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فإنها ساعة يحتاج الميت إلى انس الاحياء، وأنا أستودعك الله تعالى وأوصيك في ولدي خيرا، ثم ضمت إليها أم كلثوم، فقالت له: إذا بلغت فلها ما في المنزل، ثم الله لها، فلما توفيت فعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام (1).
وروي إنه لما حضرت فاطمة عليها السلام الوفاة بكت، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام:
يا سيدتي ما يبكيك؟ قالت: أبكي لما تلقى بعدي، فقال لها: لا تبكي فوالله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله (2).
وروي عن أم سلمى امرأة أبي رافع، قالت: اشتكت فاطمة عليها السلام، شكواها التي قبضت فيها، وكنت أمرضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت، فخرج علي عليه السلام إلى بعض حوائجه، فقالت: اسكبي لي غسلا فسكبت، فقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثم لبست أثوابها الجدد، ثم قالت: افرشي لي فراشي وسط البيت، ثم استقبلت القبلة ونامت، وقالت: أنا مقبوضة وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد، ثم وضعت خدها على يدها، وماتت صلوات الله عليها (3).
وفي رواية أخرى، قالت لأسماء بنت عميس: انتظريني هنيهة، ثم ادعيني، فإن أجبتك، وإلا فاعلمي اني قد قدمت على أبي.
قال الراوي: فانتظرتها أسماء هنيهة، ثم نادتها فلم تجبها، فنادت: يا بنت محمد المصطفى، يا بنت أكرم من حملته السماء، يا بنت خير من وطأ الحصى، يا