يده إلى السماء مبتهلا، ثم قال: إن كانت سريرة [ما (1)] بينك وبيني فاذن (2) قد أذعتها علي فاقبضني إليك، فبكى علي بن الحسين عليهما السلام وبكى من حضره، وخرجت باكيا.
فلما صرت إلى منزلي وافاني رسوله، فقال لي: إن أردت أن تحضر جنازة صاحبك فافعل، فرجعت معه ووجدت العبد قد مات بحضرته (3).
فصل في مكار م أخلاق الإمام زين العابدين عليه السلام كان علي بن الحسين عليهما السلام، ليخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب على ظهره وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربما حمل على ظهره الطعام أو الحطب، حتى يأتي بابا بابا فيقرعه، ثم يناول من يخرج إليه، وكان يغطي وجهه لئلا يعرفه الفقير، ولما وضع على المغتسل نظروا إلى ظهره، وعليه مثل ركب الإبل.
وكان يعول مائة أهل بيت من فقراء المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والزمني (4) والمساكين، وكان يناولهم بيده ويحمل الطعام لمن كان له عيال إلى عياله، وكان إذا جنه الليل وهدأت العيون قام إلى منزله، فجمع ما يبقى فيه من قوت أهله، وجعله في جراب ورمى به على عاتقه، وخرج إلى دور الفقراء وهو متلثم، ويفرق عليهم (5).
وروي عن علي يزيد، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام عندما انصرف