وكانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله يوما فسمع خديجة رضي الله عنها تحدث فاطمة عليها السلام، فقال لها: يا خديجة لمن (1) تحدثين، قالت:
الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، قال: يا خديجة هذا جبرائيل يخبرني إنها أنثى وإنها النسلة الطاهرة الميمونة، وإن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها الأئمة (2) ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها، أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا صلى الله عليه وآله يتيم أبي طالب، فقير ا لا مال له، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا.
فاغتمت خديجة لذلك فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن، فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فانا رسل (3) ربك إليك ونحن أخواتك: أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ما يلي النساء فجلست واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها.
فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة، فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الأرض و (4) غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور.
ودخل عشر من الحور العين، كل واحدة منهن معها طست من الجنة، وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من الكوثر، [فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها