فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام وهما يناديان: وا حسرة (1) لا تنطفئ أبدا من فقد جدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وآله، وامنا فاطمة الزهراء يا أم الحسن يا أم الحسين إذا لقيت جدنا محمد المصطفى فاقرئيه منا السلام وقولي له: إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا.
فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: إني اشهد الله أنها قد حنت وأنت ومدت يديها وضمتهما إلى صدرها مليا.
وإذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعهما عنها فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب، قال: فرفعتهما عن صدرها (2).
وروي أن كثير بن عباس كتب على أطراف كفن سيدة النساء، تشهد أن لا آله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله (3).
فلما أن هدأت العيون، ومضى شطر من الليل، أخرجها علي والحسن والحسين عليهم السلام، وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة، ونفر من بني هاشم وخواصه، صلوا عليها، ودفنوها في جوف الليل وسوى علي عليه السلام حو إليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها (4).
وروي أنه عليه السلام لما دفن فاطمة صلوات الله عليها، وعفى موضع قبرها ونفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن فأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال:
(السلام عليك يا رسول الله عني، وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، ورق عنها تجلدي إلا أن لي في