أحدا، وأستودعك الله واقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة (1).
قال الراوي: فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة، واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع (2) لصراخهن وهن يقلن: يا سيدتاه، يا بنت رسول الله.
وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي عليه السلام، وهو جالس والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه، يبكيان فبكى الناس لبكائهما، وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها، متجللة بردائها غلبها نشيجها (3)، وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله، الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده ابدا.
واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجون (4) وينتظرون أن تخرج الجنازة، فيصلون عليها فخرج أبو ذر رضي الله عنه، وقال: انصرفوا فإن ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخر اخراجها في هذه العشية فقام الناس وانصرفوا (5).
فلما جن الليل غسلها أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم عليهم السلام، وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس رضي الله عنها (6).
وفي رواية ورقة، قال علي عليه السلام: والله لقد أخذت في أمرها وغسلتها في قميصها، ولم أكشفه عنها فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة، ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله صلى الله عليه وآله، وكفنتها وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت يا أم كلثوم يا زينب يا سكينة يا فضة يا حسن يا حسين هلموا تزودوا من أمكم فهذا الفراق واللقاء في الجنة.