حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها، فإن الله عز وجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة، فوثب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منزل خديجة.
قالت خديجة رضوان الله عليها: وكنت قد ألفت الوحدة، فكان إذا جنني الليل غطيت رأسي، وأسجفت (1) ستري وغلقت بابي وصليت وردي وأطفأت مصباحي وأويت إلى فراشي، فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي صلى الله عليه وآله فقرع الباب، فناديت: من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد صلى الله عليه وآله؟ قالت خديجة: فنادى النبي صلى الله عليه وآله بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه:
افتحي يا خديجة فإني محمد، قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله، وفتحت الباب، ودخل النبي المنزل، وكان صلى الله عليه وآله إذا دخل المنزل دعا بالاناء فتطهر للصلاة، ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيهما، ثم يأوي إلى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء ولم يتأهب للصلاة غير أنه اخذ بعضدي، وأقعدني على فراشه وداعبني ومازحني، وكان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها، فلا والذي سمك السماء، وأنبع الماء، ما تباعد عني النبي صلى الله عليه وآله حتى حسست بثقل فاطمة عليها السلام في بطني (2).
وروى الشيخ الصدوق رضي الله عنه في الأمالي بسنده عن المفضل بن عمر، قال:
قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: كيف كانت (3) ولادة فاطمة عليها السلا م، فقال: نعم، إن خديجة رضي الله عنها لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوان مكة فلم (4) يدخلن عليها، ولا يسلمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذرا عليه صلى الله عليه وآله.
فلما حملت بفاطمة سلام الله عليها، كانت فاطمة تحدثها من بطنها وتصبرها،