مبالغتهم في أخذ العلم عنه عليه السلام، أو عن غاية الحب ولعله تصحيف - ترسفه بالسين المهملة - يعني مشى إليه مشي المقيد يتحامل رجله مع القيد، انتهى (1).
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن مثل علي بن الحسين عليهما السلام يدع خلفا لفضل علي بن الحسين عليهما السلام حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليهما السلام فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شئ وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي عليهما السلام، وكان رجلا بدينا وهو متكئ على غلامين له أسودين أو موليين له، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا والله لأعظنه.
فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي بنهر، وقد تصبب عرقا، فقلت: أصلحك الله، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا؟ لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال (2)، قال: فخلى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله، أكف بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني (3).
[وقال المؤلف] الظاهر إن محمد بن المنكدر كان من متصوفة العامة كطاووس وشقيق وابن أدهم وأمثالهم، حكى صاحب المستطرف، عن محمد بن المنكدر: أنه جزأ عليه وعلى أمه وعلى أخته الليل أثلاثا، فماتت أخته، فجزأ عليه وعلى أمه فماتت أمه، فقام الليل كله (4).