الصمد، وكيف لي ولم يجد جدي أمير المؤمنين عليه السلام حملة لعلمه (1).
وبالجملة أظهر عليه السلام من مجنيات (2) كنوز المعارف، وحقائق الأحكام، والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة، وفاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل: هو باقر العلوم وشاهرها (3).
وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر عليه السلام، وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر عليه السلام، ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم، حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس (4).
قال الشيخ المفيد: ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهما السلام من علم الدين والآثار والسنة، وعلم القرآن والسيرة، وفنون الأدب ما ظهر عن أبي جعفر عليه السلام، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين، وصار بالفضل علما لأهله تضرب به الأمثال، وتصير (5) بوصفه الآثار والأشعار، وفيه يقول القرطبي:
يا باقر العلم لأهل التقى * وخير من لبى على الا جبل (6) وروي عن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام، قال: دخلت على جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله، فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال لي:
من أنت؟ وذلك بعد ما كف بصره، فقلت: محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فقال:
يا بني ادن مني، فدنوت منه فقبل يدي، ثم أهوى إلى رجلي يقبلهما، فتنحيت