المعايش (1) والتعاشر، ملء مكيال، ثلثان (2) فطنة، وثلث (3) تغافل (4).
وقال له نصراني: أنت بقر؟ قال لا، أنا باقر، قال: أنت ابن الطباخة؟ قال: ذاك حرفتها، قال: أنت ابن السوداء الزنجية البذية، قال: إن كنت صدقت غفر الله لها، وان كنت كذبت غفر الله لك، قال: فأسلم النصراني (5).
أقول: ولقد اقتدى به سلام الله عليه في هذا الخلق الشريف أفضل الحكماء والمتكلمين سلطان العلماء والمحققين الوزير الأعظم الخواجة نصير الملة والدين قدس الله روحه، فقد ذكرنا في ترجمته في الفوائد الرضوية: إن ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما فيها، يا كلب بن كلب، فكان الجواب: أما قوله يا كذا فليس بصحيح لأن الكلب من ذوات الأربع، وهو نابح طويل الأظفار، وأما أنا فمنتصب القامة، بادي البشرة، عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص، وأطال في نقض كل ما قاله، هكذا رد عليه بحسن طوية وتأن غير منزعج، ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة. قلت:
ليس هذا ببدع ممن قال في حقه العلامة في اجازته الكبيرة، وكان هذا الشيخ أفضل [أهل] (6) عصره في العلوم العقلية والنقلية، وله مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية، والأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، وكان أشرف من شاهدناه في الأخلاق، نور الله مضجعه، قرأت عليه إلهيات الشفاء لأبي علي بن سينا، وبعض التذكرة في الهيئة تصنيفه، ثم أدركه الموت المحتوم قدس الله روحه، انتهى (7).