أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقوله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون موسى.
هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها " (1).
وإن هذا الحديث يدل بوضوح على أن الصحابة لم يعملوا حسب مفاد حديثي الغدير والمنزلة، فإن كان الحديثان يدلان على الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين عليه السلام فذاك المطلوب، وإن كانا بمعزل عن الدلالة على الإمامة - لو فرض - بل يدلان على مجرد وجوب الموالاة فإن قولها عليها الصلاة والسلام " أنسيتم " يدل على تركهم لمحبة أمير المؤمنين وموالاته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
لكن تركهم لمحبة علي عليه السلام بعد رسول الله " ص " وفي حياة الزهراء عليها السلام لا يتصور إلا على تقدير كون علي عليه السلام هو الإمام والخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن الصحابة قد تركوا موالاته بسبب صرفهم الخلافة عنه إلى غيره، إذ لو كان عملهم ذاك صحيحا وكانت خلافة أبي بكر بحق لما تحقق من الصحابة ترك لموالاة علي عليه السلام في ذاك الظرف - أي بعد وفاة النبي وفي حياة فاطمة -.
فهذا الحديث يدل على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام على كل تقدير كما أوضحنا.