من أهل الجمل والخوارج وأهل صفين مع كثرتهم، وبإمساكه عن مقاتلة المبايعين لأبي بكر والمستخلفين له، مع عدم إحضارهم لعلي رضي الله عنه وعدم مشاورتهم له في ذلك، مع أنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج بنته رضي الله عنها، والمحبو منها بمزايا ومناقب لا توجد في غيره، ومع كونه الشجاع القرم والعالم الذي يلقى كل منهم إلى علمه السلم والفائق لهم في ذلك، المحتمل عنهم مشقة القتال في أوعر المسالك، وبإمساكه أيضا عن مقاتلة عمر المستخلف له أبي بكر ولم يستخلف عليا كرم الله وجهه، وعن مقاتلة أهل الشورى ثم ابن عوف المنحصر أمرها فيه باستخلافه لعثمان، على أنه لم يكن عنده علم ولا ظن بأنه " ص " عهد له صريحا ولا إيماء بالخلافة، وإلا لم يجز له عند أحد من المسلمين السكوت على ذلك لما يترتب عليه من المفاسد التي لا تتدارك، لأنه إذا كان خليفة بالنص ثم مكن غيره من الخلافة كانت خلافة ذلك الغير باطلة وأحكامها كلها كذلك، فيكون إثم ذلك كله على علي كرم الله وجهه، وحاشاه من ذلك.
وزعم أنه إنما سكت لكونه كان مغلوبا على أمره. يبطله أنه كان يمكنه أن يعلمهم باللسان ليبرأ من آثام تبعة ذلك، ولا يتوهم أحد أنه لو قال: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالخلافة فإن أعطيتموني حقي وإلا صبرت أنه يحصل له بسبب هذا الكلام لوم من أحد من الصحابة بوجه وإن كان أضعفهم، فإذا لم يقل ذلك كان سكوته عنه صريحا في أنه لا عهد عنده ولا وصية إليه بشئ من أمور الخلافة، فيبطل ادعاء كونه مغلوبا " (1).