ولا مجال هنا لأن يتوهم تخصيص هذه الأولوية بالنسبة إلى الشيخين، لما تقدم عن ابن حجر المكي سابقا من أن الشيخين قد فهما من حديث الغدير أولوية أمير المؤمنين عليه السلام بالاتباع والقرب، ولذا خاطباه بقولهما: " أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة ". ويدفعه أيضا قول عمر بن الخطاب لعلي عليه السلام: " أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ". وأيضا حديث مخاطبة جبرئيل لعمر حول الولاية نص صريح في بطلان هذا التوهم بالنسبة إلى عمر وكذلك أبو بكر بن أبي قحافة للاجماع المركب، فكيف يجعلون الشيخين أولى بالمحبة والتعظيم، ويزعمون أفضليتهما ويدينون بخلافتهما مع كونهما مفضولين؟
ومن العجيب أيضا تجويز (الدهلوي) هنا إرادة (الأولى بالمحبة) و (الأولى بالتعظيم) من حديث الغدير ثم دعواه أفضلية الشيخين في رسالته (السر الجليل في مسألة التفضيل) التي ألفها بعد (التحفة الاثنا عشرية).
وقال الفاضل النحرير باقر علي خان في (الحجج الباهرة) في هذا المقام:
" ولو فرض كون المقصود هو الأولى بالمحبة والتعظيم لم يناف ما ندعيه، لأن الأولى بالمحبة الدينية والتعظيم الشرعي هو الأفضل من الكل، والأفضل أحق بالخلافة من المفضول، قال في الصواعق: سئل شيخ الإسلام محقق عصره أبو زرعة الولي العراقي عمن اعتقد في الخلفاء الأربعة الأفضلية على الترتيب المعلوم، ولكن يحب أحدهم أكثر هل يأثم؟ فأجاب بأن المحبة قد تكون لأمر ديني وقد تكون لأمر دنيوي، فالمحبة الدينية لازمة للأفضلية، فمن كان أفضل كان محبتنا الدينية له أكثر، فمتى اعتقدنا في واحد منهم أنه أفضل ثم أحببنا غيره من جهة الدين أكثر كان تناقضا، نعم إن أحببنا غير الأفضل أكثر من محبة الأفضل لأمر دنيوي كقرابة وإحسان ونحوه فلا تناقض في ذلك ولا امتناع، فمن اعترف بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا " ص " أبو بكر ثم عمر ثم عثمان