ولعل ذلك من جهة عدم تجاسره على حمل كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على معنى مخترع مكذوب، ومن هنا يتضح تخليط (الدهلوي) وتلبيسه حيث اكتفى بدعوى أن المراد من الولاية المستفادة من حديث الغدير هي (المحبة) ولم يوضح مراده من هذه المحبة وأنه هل يحمل (المولى) على (المحب) أو (المحبوب)؟! والسبب في ذلك هو محاولة الفرار عن الإشكال، لأنه إن صرح بالأول أورد عليه باستحالة إرادة هذا المعنى من حديث الغدير، وإن صرح بالثاني أورد عليه بعدم ثبوت هذا المعنى في معاني لفظة (المولى).
ومنهم من ذكر (16) معنى للفظة (المولى) ثم جوز حملها في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " من كنت مولاه فعلي مولاه " على أكثر تلك المعاني، كابن الأثير الجزري في كتابه (النهاية في غريب الحديث) (1). وهذا من عجائب الأمور، لوضوح عدم جواز حمل الحديث المذكور على أكثر تلك المعاني، وقد نقل محمد رشيد الدين الدهلوي عبارة النهاية أيضا ولم يلتفت إلى الخلل الموجود فيها... وكالفتني صاحب (مجمع البحار) حيث قال: " وقد تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة، فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه... ومنه الحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. يحمل على أكثر الأسماء المذكورة " (2).
وصاحب (الصواعق) - وإن ذكر (المحبوب) في جملة المعاني الحقيقية للفظة (المولى) صحح إرادة (الحب) بالكسر، وادعى إجماع الفريقين على ذلك حيث قال: " ونحن وهم متفقون على صحة إرادة الحب بالكسر، وعلي