السير بالسرى 1، وأرخوا الأعنة وجذبوا البرى 2، والمختار يشغل أهل الكوفة بالتسويف 3 والملاطفة حتى يرجع إبراهيم بعسكره فيكف عاديتهم ويقمع 4 شرتهم، ويحصد شوكتهم، وكان مع المختار أربعة آلاف فبغى عليه أهل الكوفة وبدأوه بالحرب، فحاربه يومهم أجمع وباتوا على ذلك فوافاهم إبراهيم في اليوم الثاني بخيله ورجله، ومعه أهل النجدة والقوة.
فلما علموا قدومه افترقوا فرقتين ربيعة ومضر على حدة، واليمن على حدة فخير المختار إبراهيم: إلى أي الفريقين 5 تسير، فقال: إلى أيهما أحببت، وكان المختار ذا عقل وافر، ورأي حاضر فأمره بالسير إلى مضر بالكناسة 6، وسار هو إلى اليمن 7 إلى جبانة السبيع 8، فبدأ بالقتال رفاعة بن شداد فقاتل قتال الشديد البأس، القوي المراس، حتى قتل، وقاتل حميد بن مسلم وهو يقول:
لأضربن عن أبي حكيم * مفارق الأعبد والحميم ثم انكسروا كسرة هائلة، وجاء البشير إلى المختار أنهم ولوا مدبرين، فمنهم من اختفى في بيته، ومنهم من لحق بمصعب بن الزبير، ومنهم من خرج إلى البادية ثم وضعت الحرب أوزارها، وحلت أزرارها، ومحص القتل شرارها فأحصوا القتلى منهم، فكانوا ستمائة وأربعين رجلا ثم استخرج من دور الوادعيين خمسمائة أسير، كما ذكره الطبري وغيره، فجاءوا بهم إلى المختار، فعرضوهم عليه، فقال: كل من حضر منهم قتل الحسين عليه السلام فأعلموني به، فلا يؤتى بمن حضر قتله إلا قيل هذا فيضرب عنقه حتى قتل منهم مائتين وثمانية وأربعين رجلا، وقتل أصحاب المختار جمعا كثيرا