وحدثني أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن غير واحد، عن محمد بن أبي عمير 1، عن أحمد بن عبد الرحمان البصري، عن عبد الرحمان بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن سعيد بن ثابت قال: لما برز علي بن الحسين عليهما السلام إليهم، أرخى الحسين عليه السلام عينيه فبكى ثم قال: اللهم فكن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق 2 برسول الله صلى الله عليه وآله، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول: يا أبه العطش، فيقول له الحسين عليه السلام: اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله صلى الله عليه وآله بكأسه، وجعل يكر كرة بعد كرة، حتى رمي بسهم فوقع في حلقه فخرقه وأقبل يتقلب في دمه ثم نادى: يا أبتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقرؤك السلام و (هو): يقول: عجل القدوم علينا 3، وشهق شهقة فارق الدنيا عليه السلام 4.
قال أبو الفرج: علي بن الحسين هذا هو الأكبر ولا عقب له، ويكنى أبا الحسن، وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وهو أول من قتل في الوقعة، وإياه عنى معاوية في الخبر الذي حدثني به محمد بن محمد بن سليمان، عن يوسف بن موسى القطان، عن جرير، عن مغيرة قال: قال معاوية: من أحق الناس بهذا الامر؟ قالوا: أنت، قال: لا، أولى الناس بهذا الامر علي بن الحسين بن علي عليهم السلام جده رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أمية، وزهو ثقيف.
وقال يحيى بن الحسن العلوي: وأصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لام ولد، وأن الذي أمه ليلى هو جدهم، وولد في خلافة عثمان. 5 ثم قالوا: وخرج غلام من تلك الأبنية وفي اذنيه درتان وهو مذعور، فجعل يلتفت يمينا وشمالا وقرطاه يتذبذبان، فحمل عليه هانئ بن ثبيت لعنه الله فقتله، فصارت شهربانو تنظر إليه ولا تتكلم كالمدهوشة.
ثم التفت الحسين عليه السلام عن يمينه فلم ير أحدا من الرجال، والتفت عن يساره