فلم ير أحدا، فخرج علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام وكان مريضا لا يقدر أن يقل سيفه، وأم كلثوم تنادي خلفه: يا بني ارجع، فقال: يا عمتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله: فقال الحسين عليه السلام: يا أم كلثوم خذيه لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد صلى الله عليه وآله.
ولما فجع الحسين عليه السلام بأهل بيته وولده، ولم يبق غيره وغير النساء والذراري نادى: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ وارتفعت أصوات النساء بالعويل، فتقدم إلى باب الخيمة فقال: ناولوني عليا ابني الطفل حتى أودعه، فناولوه الصبي 1.
وقال المفيد " ره ": دعا ابنه عبد الله 2.
قالوا: فجعل يقبله وهو يقول: ويل لهؤلاء القوم إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم، والصبي في حجره، إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدي لعنه الله بسهم فذبحه في حجر الحسين عليه السلام، فتلقى الحسين عليه السلام دمه حتى امتلأت كفه ثم رمى به إلى السماء.
وقال السيد: ثم قال: هون علي ما نزل بي أنه بعين الله.
قال الباقر عليه السلام: فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض 3.
قالوا: ثم قال: لا يكون أهون عليك من فصيل، اللهم إن كنت حبست عنا النصر، فاجعل ذلك لما هو خير لنا.
أقول:
وفي بعض الكتب أن الحسين عليه السلام لما نظر إلى اثنين وسبعين رجلا من أهل بيته صرعى، التفت إلى الخيمة، ونادى: يا سكينة، يا فاطمة، يا زينب، يا أم كلثوم! عليكن مني السلام، فنادته سكينة: يا أبه استسلمت للموت؟ فقال: كيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين، فقالت: يا أبه ردنا إلى حرم جدنا فقال: هيهات