فلما بلغت الروح التراقي قال رافعا صوته: يا أبتاه هذا جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا وهو يقول: العجل العجل فإن لك كأسا مذخورة حتى تشربها الساعة، فصاح الحسين عليه السلام وقال: قتل الله قوما قتلوك، ما أجرأهم على الرحمن وعلى رسوله، وعلى انتهاك حرمة الرسول، (بني) على الدنيا بعدك العفا.
قال حميد بن مسلم: فكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل والثبور وتقول: يا حبيباه يا ثمرة فؤاداه، يا نور عيناه! فسألت عنها، فقيل: هي زينب بنت على عليهما السلام، وجاءت وانكبت عليه فجاء الحسين عليه السلام وأخذ بيدها فردها إلى الفسطاط، وأقبل صلوات الله عليه بفتيانه، و قال: احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتى وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه. 1 وقال المفيد وابن نما بعد ذلك: ثم رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له: عمرو بن صبيح عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع عبد الله يده على جبهته يتقيه فأصاب السهم كفه ونفذ إلى جبهته فسمرها به، فلم يستطع تحريكها، ثم انحنى عليه 2 آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله.
وحمل عبد الله بن قطبة الطائي على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام فقتله، وحمل عامر بن نهشل التميمي على محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام فقتله، وشد عثمان بن خالد الهمداني على عبد الرحمان بن عقيل بن أبي طالب فقتله 3.
وقال أبو الفرج في المقاتل: حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن بكر بن عبد الوهاب، عن إسماعيل بن أبي زياد بن إدريس، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام: إن أول قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي عليه السلام.