العوالم ، الإمام الحسين (ع) - الشيخ عبد الله البحراني - الصفحة ٢٨٤
يا نفس لا تخشي من الكفار * وأبشري برحمة الجبار مع النبي السيد المختار * قد قطعوا ببغيهم يساري فأصلهم يا رب حر النار فضربه ملعون بعمود من حديد فقتله، فلما رآه الحسين عليه السلام صريعا على شاطئ الفرات بكى وأنشأ يقول:
تعديتم يا شر قوم ببغيكم * وخالفتم دين النبي محمد أما كان خير الرسل أوصاكم بنا؟ * أما نحن من نجل النبي المسدد؟
أما كانت الزهراء أمي دونكم؟ * أما كان من خير البرية أحمد؟
لعنتم وأخزيتم بما قد جنيتم * فسوف تلاقوا حر نار توقد أقول: في بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأى وحدته عليه السلام أتى أخاه وقال: يا أخي هل من رخصة؟ فبكى الحسين عليه السلام بكاء شديدا ثم قال: يا أخي أنت صاحب لوائي وإذا مضيت تفرق عسكري 1، فقال العباس: قد ضاق صدري و سئمت من الحياة وأريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين.
فقال الحسين عليه السلام: فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء، فذهب العباس و وعظهم وحذرهم فلم ينفعهم فرجع إلى أخيه فأخبره فسمع الأطفال ينادون: العطش العطش! فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة وقصد نحو الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات، ورموه بالنبال فكشفهم وقتل منهم على ما روي ثمانين رجلا حتى دخل الماء.
فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين عليه السلام وأهل بيته، فرمى الماء وملا القربة وحملها على كتفه الأيمن، وتوجه نحو الخيمة، فقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كل جانب، فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى

1 - العسكر ليس دائما بمعنى الجيش، بل يأتي بمعنى الكثير من كل شئ والمال والنعم، وفي المقام أن العباس عليه السلام صاحب لواء الإمام الحسين عليه السلام كان آخر من برز إلى القوم، فببقائه ما انكسر ظهر الامام وما انقطع رجاء أهل بيته، فصاحب اللواء يمثل عسكرا، ويوجب ثباته وخوف العدو منه.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست