الحسين عليه السلام، فناداه القوم: إلى أين (يا بن خوزة) ثكلتك أمك؟ فقال: إني أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع، فقال الحسين عليه السلام لأصحابه: من هذا؟ فقيل له: هذا ابن خوزة 1 التميمي، فقال: اللهم جره 2 إلى النار، فاضطرب به فرسه في جدول فوقع وتعلقت رجله اليسرى في الركاب وارتفعت اليمنى، وشد على مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمنى فطارت 3 وعدا به فرسه فضرب برأسه كل حجر وكل شجر 4، حتى مات وعجل الله بروحه إلى النار، ونشب القتال فقتل من الجميع جماعة 5.
وقال محمد بن أبي طالب وصاحب المناقب وابن الأثير في الكامل و رواياتهم متقاربة: إن الحر أتى الحسين عليه السلام فقال: يا بن رسول الله كنت أول خارج عليك فأذن لي لاكون أول قتيل بين يديك، وأول من يصافح جدك غدا، وإنما قال الحر: لاكون أول قتيل بين يديك والمعنى يكون أول قتيل من المبارزين وإلا فإن جماعة كانوا قد قتلوا في الحملة الأولى كما ذكر، فكان أول من تقدم إلى براز القوم، وجعل ينشد ويقول:
إني أنا الحر ومأوى الضيف * أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حل بأرض الخيف * أضربكم ولا أرى من حيف وروي أن الحر لما الحق بالحسين عليه السلام قال رجل من تميم يقال له يزيد بن سفيان: أما والله لو لحقته لاتبعته السنان، فبينما هو يقاتل وإن فرسه لمضروب على اذنيه وحاجبيه وإن الدماء لتسيل إذ قال الحصين: يا يزيد هذا الحر الذي كنت تتمناه، قال: نعم، فخرج إليه فما لبث الحر أن قتله وقتل أربعين فارسا وراجلا، فلم يزل يقاتل حتى عرقب فرسه وبقي راجلا وهو يقول:
إني أنا الحر ونجل الحر * أشجع من ذي لبد هزبر ولست بالجبان عند الكر * لكنني الوقاف عند الفر ثم لم يزل يقاتل حتى قتل رحمه الله فاحتمله أصحاب الحسين عليه السلام حتى