الميمنة والميسرة، فقال لأصحاب القلب: أثبتوا. وأحاطوا بالحسين عليه السلام من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة، فخرج حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي فتسمعوا قولي، وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لامري غير مستمع قولي، فقد ملئت بطونكم من الحرام، وطبع على قلوبكم، و يلكم ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟ فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا:
انصتوا له.
فقام الحسين عليه السلام فقال: تبا لكم أيتها الجماعة وترحا، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرختكم مؤدين مستعدين، سللتم علينا سيفا في رقابنا، وحششتم علينا نار الفتن جناها 1 عدوكم وعدونا فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا عليهم لأعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم، وخسيس عيش طمعتم فيه، من غير حدث كان منا، ولا رأي تفيل لنا.
فهلا - لكم الويلات - إذ كرهتمونا وتركتمونا، تجهزتمونا 2 والسيف لم يشهر، والجأش طامن، والرأي لم يستحصف 3، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الذباب، وتداعيتم كتداعي الفراش، فقبحا لكم، فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرفي الكتاب، ومطفئ السنن، وقتلة أولاد الأنبياء، ومبيري عترة الأوصياء، وملحقي العهار بالنسب، ومؤذي المؤمنين، وصراخ أئمة المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين.
وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون، وإيانا تخاذلون، أجل والله الخذل فيكم معروف، وشبحت عليه عروقكم، وتوارثته أصولكم وفروعكم، وثبتت عليه قلوبكم، وغشيت صدوركم، فكنتم أخبث شئ سنخا 4 للناصب وأكلة للغاصب، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا فأنتم