فاستقدم أمام الحسين عليه السلام فقال: يا أهل الكوفة لامكم الهبل لامكم الهبل والعبر، أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا أتاكم 1 أسلمتموه؟ وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه، ثم عدوتم عليهم لتقتلوه، [و] أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكلكله 2، وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه من التوجه إلى 3 بلاد الله العريضة، فصار كالأسير في أيديكم، لا يملك لنفسه نفعا، ولا يدفع عنها ضرا، وحلأتموه ونساءه وصبيته وأهله عن 4 ماء الفرات الجاري، تشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابهم، وها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا صلى الله عليه وآله في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ.
فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل، فأقبل حتى وقف أمام الحسين عليه السلام، ونادى عمر بن سعد: يا دريد أدن رأيتك، فأدناها، ثم وضع سهما 5 في كبد قوسه ثم رمى وقال: اشهدوا أني أول من رمى الناس. 6 وقال محمد بن أبي طالب: فرمى أصحابه كلهم فما بقي من أصحاب الحسين عليه السلام إلا أصابه (سهم) من سهامهم، قيل: فلما رموهم هذه الرمية، قل أصحاب الحسين عليه السلام وقتل في هذه الحملة خمسون رجلا 7.
وقال السيد " ره ": فقال عليه السلام لأصحابه: قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابد منه فإن هذه السهام رسل القوم إليكم، فاقتتلوا ساعة من النهار حملة وحملة، حتى قتل من أصحاب الحسين عليه السلام جماعة، قال: فعندها ضرب الحسين عليه السلام يده على 8 لحيته وجعل يقول: اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا، واشتد غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه، واشتد غضبه على قوم اتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم، أما والله لا أجيبهم إلى شئ مما يريدون حتى ألقى الله تعالى وأنا مخضب بدمي.